الخميس، 7 يوليو 2011

ضد طائفية وتعصب "الداخلية"



من وحى الأحداث يخيل لى أننا نواجه طائفية وعنصرية تشبه تلك التى واجهها المواطنون الأصليون السود فى جنوب افريقيا ضد القلة البيض.. فعلى الرغم من أن المواطنين السود هم الأغلبية الا أن حقوقهم ومعاملاتهم الآدمية كانت مهدرة على يد قلة فاسدة بيضاء.

والإشكالية هنا ليست الأغلبية والأقلية بقدر ما هى إشكالية تمَلك فئة معينة بغض النظر عن قوتها العددية لسلطة ما، بطريقة استغلالية تستخدمها ضد كل من يقف فى مصلحتها وبشكل تعسفى من أجل خدمة أغراض أفرادها الفئوية.

وإذا عكسنا الوضع على مصر، فإننا نعانى اليوم من تعالى فى المعاملة من قبل جهاز الشرطة ووزارة الداخلية فى مصر بشكل يتجه إلى إحداث حرب أهلية بالفعل بين المواطنين الذى ثاروا فى 25 يناير، وهو يوم عيد الشرطة المصرى، من اجل إقالة وزير داخليتها السابق حبيب العادلى..

وإذ نفاجئ بالاستمرار فى التمسك بهذا الوزير الذى اكتشفنا كم وكيف الانتهاكات التى لم يستطع عقل بشر ان يتخيلها، والقتل والجرح العشوائى الذى حدث لشبان وفتيات وفتيان الثورة من قبل ضباط شرطة وأمناء ومخبرين الداخلية والقناصة..

الأدهى من ذلك إقرار محكمة فى السويس حلاء سبيل ضباط الشرطة المتهمين بقتل الثوار فى تلك المدينة التى اشعلت لهيب ثورة 25 يناير وما زاد الطين بلة رفض محكمة النقض الطعن المقدم من النائب العام على هذا القرار دون أن يخرج علينا أحد أو على الأقل لأهالى الشهداء يوضح لهم حيثيات هذا الحكم..

وفى حين يصر الثوار الذى خرجوا من قبل لإعادة هيكلة الداخلية، على أن التعامل القديم لضباط الشرطة لم يتغير به شئ فى ظل عودة قضايا التعذيب فى السجون، يصر أيضا وزير الداخلية منصور عيسوى على أن الشرطة بريئة من دماء الشهداء والجرحى.

ولذا كان من الطبيعى والبديهى أن يخرج اهالى السويس يهتفون "دم بدم .. رصاص برصاص .. احنا كرهنا الظلم خلاص .. يا قضائنا نام وارتاح .. احنا خلاص شلنا سلاح"..

الفساد الذى استشرى مصر على مدار 30 سنة ماضية جعل الطائفية والعنصرية تتخذ فيها شكلا مختلفا حتى عن عنصرية جنوب افريقيا فهى ليست عنصرية تضاد بين السود والبيض أو عنصرية ملل بين السنة والشيعة فى العرق اوعنصرية سياسية بين فريقى الموالاة والمعارضة لقرار المحكمة الجنائية فى قتل الحريرى فى لبنان، بينما هى عنصرية فى السلطة بين من يمتلك ومن لا يمتلك..

إنها طائفية القوة أو طائفية التملك بمعنى عندما يصبح الموقع الوظيفى فى الدولة مرتبط بمدى قوة وسلطة صاحبه والواضح انه ليس هناك اقوى من الشرطة وهى بالمعنى العامى الدارج "الحكومة"..

أنا أرى أن الطائفية فى مصر لن تأخذ طابعها السياسى او الدينى المعروف، وأنه لا حل لذلك إلا بتفعيل معنى المواطنة وفهمه من كلا الجانبين من جانب المواطن الذى يعى تماما حقوقه وواجباته التى كفلها له القانون والدستور.. يعترف بخطئه لأنه على يقين بأن ما فعله ليس من حقه.. ويعترف بصحة موقفه لأنه يعلم انه فى دولة قانون ..

وكذا الشرطى يجب أن يعى أنه فى مرتبة وظيفية مساوية لجميع المواطنين، وكون أن القانون كفل له الحق فى مساءلة المواطنين فى القضايا الهامة.. إلا أنه لم يعطيه الحق فى تعذيب المواطينن للاعتراف ولابد أن يعلم أنه يعلوه نظام قضائى يحكم بينه وبين المواطن..

هذه تخيلات لتفعيل الدستور الجديد وما سيترتب عليه من تعديلات فى بعض القوانين بالفعل، ولكن لابد أن تكون المرحلة المقبلة كما هى حريصة ومؤمنة بالمساواة بين الأقباط والمسلمين درءا منها لنيران الفتنة الطائفية فلابد ان تكون مؤمنة أيضا بالمساواة بين جميع المواطنين امام النيابة والقضاء ومعرفة أننى كفرد مدنى من أفراد الشعب المصرى وضابط الشرطة متساوين من ناحية المواطنة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق